الرسول هذا العام – هموم وشجون اُمته
يأتي المولد النبوي الشريف هذه السنة ،وقد استحكم الخلاف بين أبناء الإسلام ،أو بالأحرى بين الإسلاميين ،و قد
توزعوا على مرجعيات وولاءات ،بعدت بينهم الشقة ،واستبانت بينهم الفرقة ، وهذه
الحركات بصيغها الجديدة ،وتجلياتها العصرية أو الحديثة ، هي تركيبات معقدة ،أو
أوعية اجتمعت فيها عناصر متنافرة ، واجتزاءات من أفكار متضاربة ،ومواقف متصادمة
،ورؤى ضبابية حبست عن النظر ،وانقطع عنها تموين العقل ،فهي متخبطة ،في حيص بيص
،غلب عليها الواقع المتأزم ،فهي في قبضته الحديدية ،ليس لها منها فكاكا ،وألقى
عليها الماضي بكلكله ،وصرفتها نزاعاته ،واستوعبتها صراعاته ،فهي في اشباح تراثها
مترددة ،وفي صراعات دنكيشوتية متآكلة متهالكة ، وفي سياجه مراوحة مكانها أي في
سياج الماضي، محشورة في حشود الأفكار الميتة ،متسربة في الفرص المفوتة ،سادرة في
أوهامها ،ذاهبة في أضغاث أحلامها ،الصحو ضرب عنها صفحاً ،والوعي طلقها عفواً
،والتفكير غدا عندها كفراً ،والنقد قبحته جهراً ،فلا مطمح لأن تفيئ الى الهدى
ولامطمع لأن تؤوب الى السدى ،وتلمح السنى ،وتلامس الرجاء ،هذا شأن من يستعيض عن
اليقضة بالكرى ،لقد تدحرجت الى الهوة وهاهي ترتطم بقاعها ،أخطأت الإسترشاد بالوحي
،وضلت فهمه ،أساءت الى النبوة ،وآذت تعاليمها ،فمنعت من امدادها ،وحرمت من كرمها ،
حل المولد الكريم ،وأشرف علينا عهده السليم ،فلم يرف لها جفن ولم تعتريها اختلاجة
،تفصح عن افاقتها ،وتبين عن حركة عقلها وزاجر دينها ،وتعاليم اسوة نبيها ،منهمكة
في شرب الدماء بلهفة و شبق ،مهمومة بتقطيع الأوصال ،وأكل لحمها بنهم ،مستأنسة
بأشلائها ، راقصة على الجماجم ، على موسيقى صيحات المذبوحين ،وأنات المجروحين ،ألا
يقتضي الأمر ثورة ثقافية ، واعادة قراءة النصوص على ضوء هذا المعطى ،والإنفتاح على
افقٍ جمالي ،بعد تصفية حسابنا مع هذا التراث ،وهو جهدٌ متطاول لا اظن أن الزمن القصير
يكفي فيه ،ولا أحسب أن الفهم المبتسر و النظر القاصر ،الذي تحت أيدينا ،قادر على
صنع المعجزة ،لاشك أن الصلة الوجدانية بنبينا محمد (صلى الله عليه و آله وسلم) وهت
الى الدرجة القصوى ،إن لم نقل انعدمت ،فلنضرب بأيدينا الى التراث الآخر ،(تراث آله) فهو
بوصلة ،و مسبار ، أو طريق سالك ومعالم ،وفي نفس الوقت خريطة عمل ،هم الكافل للخروج
من عنق الزجاجة ،وهم الضامن للتصالح مع أنفسنا والمصالحة مع ديننا ،فلننضم الى
الركب ولنأنس بحاديه وايقاعاته ......يتبع
بقلم : السيد محمد الفاضل حمادوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق