دور الزوايا
العلمية في المجتمع
لكم يحز في نفس الجزائري الأصيل ،
و هو يطالع من حين إلى آخر بعض الكتابات المتجنية على الزوايا لبعض الكتاب ممن مجت
أقلامهم سما نفثوه على الأوراق ، هدفهم الباطني هو التعريض بهذه الزوايا بدعوى
أنهم اكتشفوا مالم يستطع غيرهم استجلاءه ، مدعين لأنفسهم سبقية الاكتشاف ، و ماهم
في الحقيقة إلا مضلون للرأي العام ، و على العكس مايشيعون من افتراءات تمس بالدين
أولا و تسيئ لرجالاته ثانيا ، وتلك هي حقيقتهم ، و ذلك هو هدفهم .
و أما ادعاؤهم بأن الزوايا في
الجزائر ، كان دورها سلبيا ، و أنها أفسدت الدين بنشرها للبدع و الخرافات و
تقصيرها في رفع معنويات الشعب إبان الفترة الاستعمارية ، فيبدو ومن خلال هذا
التعميم أن هؤلاء ( الكتاب ) لا يفرقون بين الزاوية كمركز إشعاع ديني روحي ، و
علمي و معرفي ، و بين أتباع بعض المنتحلين الذين أوجدوا لأنفسهم طقوسا ابتكروها ،
و الدين بريء منها .
وفي هذا الخلط نية مبيتة من طرف
هؤلاء الكتاب ،و السؤال الذي يفرض نفسه و بإلحاح في هذا المقام بالذات :
من تصدى للحملات التبشيرية الشرسة
التي حاولت أن تقضي على الدين الإسلامي قضاء
مبرما ؟ وهذا بشهادة دعاة التبشير أنفسهم ؟ و الجواب هي تلك الزاويا
و التي بلغ عددها في بداية القرن الماضي ( أعني القرن العشرين ) 349 زاوية عبر
التراب الوطني ، و بلغ عدد أتباعها آنذاك 295000 جزائري .
و هؤلاء هم من وقف نداً للمبشرين
في حرب فكرية عقائدية ضروس ، وهم الذين وهم الذين حافظوا على القرآن الكريم بحفظه في الصدور ، و هم الذين نشروا فضائل
الإسلام وقيمه بين الناس ، وبين هذا و ذاك حافظوا على اللغة العربية لغة القرآن
الكريم ، و السنة المحمدية ، ومنهم كان الإشعاع الفكري التنويري ، و من هذه
الزوايا انبثقت جمعية العلماء ، كتتويج لدور الزوايا في حمل راية الحضارة العربية
الإسلامية الخالدة .
ومن بين هذه الزوايا ( زاوية الشيخ
الطيب بن حمادوش ) بقجال _ إحدى دوئر ولاية سطيف . هذه الزاوية _ و لمن لا يعرفها
_ قامت بدور كبير في نشر تعاليم الإسلام السمحة الخالصة و من كل البدع و التضليل ،
فما عرف شيخها أنه إدعى لنفسه طريقة أو انتهج نهجا غير سليم قط . فهو رجل ورع تقي
سخر روحه و ماله لخدمة الدين الإسلامي ، و نشر الوعي الوطني و فقط . فقصدته جمع
الطلبة منكل مكان ، تنهل العلم الخالص ، و تتزود بروح الإيمان ، فتخرج من زاويته
علماء أجلاء ، أمثال الشيخ : المختار بنالشيخ الذي واصل تعلمه بالأزهر الشريف ، ثم
انتقل إلى الشام ليعود في الأخير إلى أرض الوطن ،فيسخر حياته لخدمة الدين و الوطن
، و كذلك الشيخ ، المنور مليزي الذي كان عضوا نشطا في جمعية العلماء المسلمين .
إضافة إلى كل من الشهيد عبد الحميد حمادوش ال>ي واصل تعلمه بجامعة الزيتونة :
رفقة علي حمادوش ، و محمد رحماني المسؤول السياسي في حزب التحرير ، و رابح نكاع ،
و الشيخ العيد مدني ، ومن تلامذة الشهيد عبد الحميد حمادوش : الشهيد محمد رحال نجل
الشيخ الفقيه الخير رحال و الشيخ القريشي مدني ، و الشيخ إبراهيم زروق ، و غير
هؤلاء كثير.
فكانت هذه الزاوية بحق مركز إشعاع
فكري و حضاري ، تستمد روحها من الحضارة العربية الإسلامية القائمة على الكتاب الله
و السنة رسوله صلى الله عليه و سلم و مقتدية بسيرة السلف الصالح ، فما شاب دورها
الريادي شائبة ، و لا لحقت بها تهمة زيغ و لو مرة واحدة .
فهي منارة هدى و إيمان ، كانت و ما
تزال إلى اليوم ، و كيف و هي التي حملت راية العروبة و الإسلام بعيد استرجاع
السيادة الوطنية مباشرة لتصلح ما أفسد الإستعمار في عقول ، و لتسهم في سد حاجة
البلاد من التعليم و التنوير الفكري .
و عادت كما كانت بفضل رجال عقدوا
العزم على مواصلة الرسالة ، فتحولت قجال في مطلع الستينيات قبلة للعلم ، يقصده
الطلاب ينهلون من ينابيعه ، صافيا عذبا ، وفق مناهج علمية حديثة و طرائق تربوية
عصرية .
و ليسأل سائل عن جل إطارات ولاية
سطيف و غيرها من الولايات الأخرى أين أسسوا لدراساتهم ؟ وكم كان عددهم ؟ و الجواب
قجال ، قجال ، قجال ، و هاهي اليوم تسعى لتوسعة مسجدها و ما يلحق به من لوازم ،
بالإضافة إلى قاعات الدرس و المحاضرة ، فالسعي جار و العمل متواصل فالرجال الرجال
يامن تحذوهم رغبة خدمة الدين و الوطن ، و الله الموفق ، و السلام .
بقلم : للأستاذ الأديب : الزبير
اذويبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق