الثلاثاء، 29 يوليو 2014

زاوية قجال / ماضي عريق و مستقبل لا ندري كيف يكون - بقلم : محمد الفاضل حمادوش


زاوية قجال
ماضي عريق و مستقبل لا ندري كيف يكون
 _ كادت الزاوية أن تستأصل و تمحى ذكراها ويضيع كل ما يدل عليها و يطويها النسيان ، لولا كتابات الشيخ الزبير شيخ الزاوية الرحمانية بقجال ، حيث تعبر هذه الكتابات عما يجيش في صدر الرجل من أفكار و عواطف تلح على بقاء الماضي و مآثره كأصل و مرتكز فائض بالمعاني حافل بالرموز ، غيابه أو تلاشيه يعني الضياع و التشتت و النسخ و المسخ و فقد الخصائص والمميزات التي تجعل الكيان متعينا متشخصا متفردا له شكل واسم ومقومات و ملامح تقيه من الإلتحاق بغيره والإندماج فيه وتحفظه من التيه  وفقدان البوصلة .
إن هذه الكتابات التي تجاهد من أجل التغلب على النسيان وتقييده   و إرغامه على أن لا يستفحل فيسحق الذاكرة و يغزوا التاريخ   صفة المرابطة من أبين صفات هذه الكتابة وعنصر من عناصر العناد ، و الإصرار ، و الإرادة الصلبة و العقل المتوفز ، و الذكاء الذي يهدي الى البداية و إلى النهاية و يستحضر عوامل و وسائل التغلب على الصعبات و العراقيل المادية و تلافي العوائق النفسية والنَزاعات ،والنِزاعات الإجتماعية و الإرادات السلطوية و التدافع  المعنوي و الرمزي بين أطراف المجتمع و ذهاب كل طرف الى الإستئثار به أو إنتزاعه و إفتكاكه حتى لو كلف ذلك إثارة الخلل في المجتمع و سلبه اسقراره و توازنه ، وهي حالة غير سوية وغير صحية لم نستنفد الكلام بعد على أسلوب هذه الكتابة و عن طريقتها في التعاطي مع الحقائق التاريخية و الجد و الاجتهاد في  لملمة ذرات و عناصر تاريخية أرشيفية و شفاهية اقتربت من الموت و أشرفت على الهلاك مما ينجر عنه إلغاء حقبة تاريخية و معالم دينية و بؤر ثقافية تغذت منها ومن أمثالها الجزائر أمدا طويلا فكانت حصانةً و مناعة دفعت غائلة الغزو الثقافي و قتلت فاعليته، فاستوت نصا حصيفا أثيرا, يقول الحق وهو يهدي السبيل , فيما هو منشغل به و مهتم بتجليته وتوضيحه أوإصلاحه و ترميمه أو إقامة عوجه و تشذيبه أفلحت هذه الكتابة في استنقاض حقائق تاريخية كادت تندثر،وانتشال حيوات كان لها شأن و كان لها تأثير و نفوذ لم يقتصر عليهم بل امتد الى حاضرنا ، و تدخل في تشكيل عقلنا و استمالة عاطفتنا ، و دفعنا الى معانقة المستقبل و التوق الى الحضور فيه ، و المشاركة في إنجازاته إن هذه الكتابات تشعر و أنت تتابعها بأنها تنوء بحمل الأمانة التي ألقيت على عاتقها و لا تجد مهربا،ولا تعثر على عذر ، للتنصل منها  و رميها في ساحة المهمل و المهجور ، إن الكاتب تجشم الصعوبات و الصوارف وهي كثيرة و متنوعة و صدها ، و اعتراضها ، و تشويشها دارج و معروف لكل من يتصدى لمثل هذه المهام ، و يمارس هذه الأنشطة و خاصة إذا كان جانبها الفكري و الثقافي راجح و حييزها المعنوي و الرمزي غالب ، ووازن ، على كل مثل هذه الأعمال لها مساحة و مسافة و نقطة انطلاق و هدفا تصل إليه و تصيبه تماما مثل الصاروخ له نقطة انطلاق و كبسولة تدفعه و مرمى يصل إليه و الحال إذا لم تشغل هذه المساحة و تستغل و تستثمر هذه المسافة بما يلزم أن تشغل به و تشد إلى لمضمون و محتوى هذا الشغل فإن خللا لابد حاصل في المجتمع و فتنة تستيقض و تنتصب و تدفع الى ما يحمد عقباه ، و شيطان فاغر فاه باسط يده للإنقضاض على كل ما يصلح و يفيد ، يتولى و قد ترك الجماعة أنقاضا و فلولا حينئذ يتعذر عليها إسترجاع طاقتها و استعادة لحمتها فضلا عن تحكيم الرأي السديد و الحكمة في ما يعنيها من شؤون و فيما يعن لها من اختلاف يفضي إلى التدابر أو في أدنى الأحوال الى التهاتر وسد المنافذ الى المعابر و الإستغناء عن المنابر .
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** و لا سراة إذا جهالهم سادوا
ما يحمد للهذه الكتابة و يزيد في ألقها و يضاعف أهميتها أنها تناولت فترة تاريخية استلتها من طي العدم و دفعتها الى نور الوجود فانتقضت حية تفور بالمشاعر و الأحاسيس حافلة بعناصر و ألوان وخطوط متفاوتة و متراتبة ، متناضدة و متناسقة لوحة فنية تعكس قطعة من حياة الجزائر يفرض علينا الإرتباط بالأصل و الحنين إليه ، و الفضول المعرفي إرتياد هذه العوالم لتحصيل متعة و فائدة و ارتياح و نيل عبرة .
بقلم : محمد الفاضل حمادوش 
الإثنين 17 ديسمبر 2012 ميلادي
الموافق لـ 3 صفر 1434 هجري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق