تصادم
الإنتماءات وتضارب الولاءات
تعزيز الفهم
وشحذ الوعي
إن نصابين يتربصون بنا ،ينتظروننا في تقاطع الطرق ،ومفترقاتها ، يتعرضون لنا
بالإغراء ،وبما لاقبل لنا به من الصور الجذابة ،الساحرة ، التي تفك شفرة المناعة
،وتقتحم حصون الحماية ،والسلع المنتجة للكمالات وللوجاهات ،وللفصل بين الطبقات
،وقد اتقن الإشهار اليها ، وروعي فيه علوم وتقنيات ،وضعف وقابليات ،وأهداف سياسات
، وحاجات شركات ،مايبعث التخدير في حاسة النقد ،وامكان الإعتراض ، ومايصنع الإبهار
،وينتزع منك الإستسلام التام ،والإنصياع الذي يخلعك من ذاتك ،ومحيطك ،ومصلحتك
،ويصادر استقلال شخصيتك ،كما هو مقرر في ثقافتك ،ومبرر في دينك ،ومشروع في عرف
وطنك ،وحتى حق التصرف في حريتك ،ويعرضون عليك ماقد يثقلك ،ويتثاقل على لبك وعقلك
،أو ماقد يرعبك ،ويخيفك ،ويربطك في حبل التردد والتعثر ، ويلجؤك الى التلفت يمنة
ويسرى والى الوراء ،والشك والإرتياب في كل نأمة ،وحركة ،وفي كل صمتٍ ،وصوتٍ ،حتى
مايدور بخاطرك ،ويحاك في صدرك ،ويعتمل في ذهنك ،وعقلك ،ويتسربرل به خيالك ،وتتلفع
به ذاكرتك ،ويغزو بشرتك ،وحصراً صفحة وجهك ،وما ينتؤ فيها من أعضاءٍ ،ويغور فيها
من حواس ،أو وظائف ،وما يلوح فيها من تقاطيع ،وملامح ،ومسحة لطيفة ،وغلالة شفافة
،تعكس أو تبرز حالات النفس المختلفة ، والمتابينة ،حسب الوضعيات والأطوار،التي
تكون فيها ،أو شعب وأحراش المشكلات والأزمات التي تلقى فيها ،حتى رفة الجفن ،وارتعاشة
العين ، وسهوها عن ماحولها ،وقبالها ،وتراقص الحاجب ،واختلاجة الشفة ، وتقلص
الوجنتين الخاطفة ،تعبر عن الإستلاب وقد ألقى يده عليك ، وتفصح عن الفراغ وقد
اختطفك ،وصادرك ،لأنك صرت هشيماً ،لاتعضي ولا ممانعة في كيانك المعنوي ،وقوامك
الرمزي ،وفضاء عصمتك ، ومحيطُ انفتك ،وابائك ،ونطاق عنفوانك وشموخك ،وامتداد
ارادتك وقدرتك ،فرحت مشمولاً في القبضتين ،تفركك أصابع اليدين ،وتتعابث بك ،ثم
تنفضك غباراً ،تذروك الرياح ترمى أو تطرح حيثُ أرادت لاحيثُ أردت يتحاشاك ويتعوذ
من ازعاجك ،ويتوقى منك بمختلف الحوائل ،ويتطهر منك بمتباين السوائل ،المطهرات .
لأن انتظامك في مسالك انتمائك ،واندراجك في خط ولائك ،يستدعي تشبيكك مع عناصر
المواطنة ،ومد يد المساعدة والمعاونة وتوطين النفس على الأخذ و المناولة ،والحوار
والمداولة ،والتعاضد والمشاركة ،في حقل عيشك وحق جغرافيتك ، وان ضمت فنون الأعراق
،وألوان الديانات ، وشتات الثقافات ،وأجناساً من اللغات ،وحتى توزع مذاهب وهي مربط
الفرس في حديثنا ،لأنها المبتلى بها في زمننا ،نذكر وننبه بل نلح في النصيحة ،أن
توزعها كتوزع الفروع من جذع الشجرة الواحدة ،وتكاثر الأوراق في الغصن الواحد
،والخطوط والعروق في الورقة الواحدة ،على عهدة هذه السنن ،وعلى وقع نغمات سنفونية
الأبد ،أضفروا اجتماعكم وانسجوا لحمة علائقكم في دينكم الواحد ،ووطنكم الجامع
،معالجين خلافكم ،مديرين اختلافكم ،مشعلين ابداعكم .
إن كثرة الإنتماءات ،وتعدد الولاءات التي تضرب بجذورها في المشترك ، وتستمد
غذاءها من نسغٍ واحدٍ ،وإن تباعدت وتعارضت في أشكالٍ من النقد ،وفي مستوياتٍ من
التجاوز ،وفي درجاتٍ ورتبٍ من التفاوت ،فلكي ترسو في ميناءٍ من التبلاقي ،وتدخل في
قنوات من التواصل ،انشاءاً لقناعات ،وتجسيراً لفجوات وترميماً لتصدعات وشقوق
،وقطيعة مع خرائب وأطلال هي مصدر خطرٍ داهم ،ومبعث حرجٍ محير ،ومقلق لايؤمن جانبه
،ويصعب تجنب غائلته ،وتلافي تأثيرها وتخديرها .......
بقلم : السيد
محمد الفاضل حمادوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق