المعنى و منشؤه
من المتعذر
ومما يستحيل تصوره ، أو توقع حلوله في العقل تطرفاً وشططاً خلو الإنسان من المعنى
،وأنه غير محوجٍ له في حياته وعيشه بل إنه مدار الحياة ،ومحور العيش ،هو الماء
الذي يسري في خيوط نسيج الثقافة فتنتعش وتحيا و تنتفض وتنتصب فإذا العقول مستيقظة
من سباتها متنبهة ،متحفزة ،وإذا الإديولوجيات صاحية من أوكارها منطلقة وإذا سوق
السياسة نافقة تمور بالإحتكاك ،والعراك ،والخصام بين فرقاء الأمة الواحدة ،
والمجتمع الواحد في صورة جدل مؤطر مقبول ،ومحبذ ، لأنه اضافة الى أنه مثري ،ومخصب
،أي المعنى فهو مقصي للفتنة أوالحرب الأهلية ساداً للباب في وجه الدخيل المتسلل
،أو المنافق اللائذ به ،وهو مادة الحضارة وصورتها ، ومبدؤها ومنتهاها ، وهو
أرضيتها ومخططها وجمال انجازها ،لولا المعنى لإفتقد الفن وانعدم الجمال وضاع
التناضد والتناسق والتناغم وهو أصل الفن والجمال في الحياة بل في الكون وانعكس
القول المبدع نثراً وشعراً وفي لوحات الرسامين محاكاةٍ لما في الوجود من جمال يأسر القلوب وتعنو له
العقول أو خرقا وتجاوزاً له كما تجاوز هو المكونات وبعض الكائنات الغيبية إلهاماً أو
لمعة من الغيب أو سرٌ هرع الى وجوه بعض المخلوقات من بني الإنسان واتخذها مقاماً
ومسكناً له بالرغم من سواد بشرتها قليلاً أو كثيراً وعدم تناسق أعضائها فهي تضفي
عليها مسحةً من الجمال زائدةً ،ووفرة من كرم المعنى ،لعل هذه الفسحة في القول وهذه
الرقعة من الكلام تكون متكأ ونبراساً يشجعنا على سلوك درب المعنى والتوغل فيه
لأننا لم نتجاوز عرضه الى جوهره وقشره الى لبه وشكله الى محتواه وخبئه ،وقبل أن
نمضي الى ذلك لابد من انعطافة نقف عندها ونتفرس فيها موافقةً لإبرامها وجزمها
وتأكيدها لما ذهبت إليه في قضية المعنى وحقيقته أونقضاً وإبطالاً لزعمها وادعائها
،ونحن من الذين لايغمطون الحق أهله لوعثرنا على جزءٍ من الحق عندهم لأظهرناه
ولمعناه ،والى العلن دفعناه أصحابنا هؤلاء اشتطوا في مفهومهم للمعنى ،وادعوا حيازة
وملكية هذا الإختيار وصادروا كل اختيارٍ ينافيه أو يلغيه ،مع أن الإختيار والحيازة
والملكية أشياء مجانية ،كل من يقبل عليها يعطاها ،وكل من يعشقها يهداها ،المهم
المعنى عندهم يلتئم من عناصر الأرض ويتهيأ من عوامل مادية شتى ،لا تتجاوز أفق
الناس وماهم فيه يخوضون وإليه يقبلون أوعنه ينصرفون أو حوله يلتفون حيناً وحيناً
آخر ينفضون لكن لشيئٍ بداخلهم ،بأهميته القصوى يقرون ،ولبدايات انهيار الحضارة
وترديها وشدة ضيقها على إنسانية الإنسان ينذرون أن الأزمة أزمة معنى وهو عندهم
متغير ومتبدل ثابته الوحيد هو التغير ،لا هذا منكرٌ من القول وانحرافٌ عن الجادة
،وبعبارة أتم وأوجز تيه .
المعنى مطلق
وهو موجود قبل وجود الكون ولولا الأنبياء والرسل والأوصياء والكتب المنزلة وما
اُثر من كلام عن الأنبياء والرسل والأوصياء لحرمنا من هذه المنح والأعطيات ،وهي
أقوات العقل والقلب والنفس ،وأصوات الغيب في كياننا لاتسمعها الآذان ولكن تسمعها
الأرواح فتنشي وتغتبط ،ونماذج المعاني العصماء للفراغات الصماء كاليأس والعدمية
والعبث واللاجدوى والعهر الفكري والسلوكي هي القرآن وأدعية العترة الطاهرة ،ودواء
لجميع الأدواء ،طبعاً القرآن سقف المبنى ومنتهى المعنى فالننصرف الى جداوله
وسواقيه الأدعية المعصومة ولنأخذ مثالاً على ذلك : (دعاء كميل) كلما قرأته زاد
توهجاً ودر معناً ...............................................يتبع
بقلم : السيد
محمد الفاضل حمادوش
السبت 14 سبتمبر 2013 ميلادي
الموافق لـ 8 ذو القعدة 1434 هجري
على الساعة 53 : 01
صباحاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق